لا تُبنى الأنظمة الاقتصادية الكبرى، إلا بتطورات متوالية في القطاع الصناعي، وتغيرات حقيقية تواكب حداثة الحاضر وطموح المستقبل.
قادت التكنولوجيا الحديثة قطاع الصناعة في الدول المتقدمة، حتى تمكنت من إحداث قفزات وتغييرات جذرية في أنظمة التشغيل والانتاج والتكاليف والجودة.
ولعل الاستثمار الصناعي بمفهومه الجديد وأساليبه التكنولوجية المتطورة، هو ما بنى عليه رجل الأعمال/ طارق أبو العينين – نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة كليوباترا، سياساته الاستثمارية .. حتى كان لنا معه هذا الحوار في مجلة “ايكونوميست” العالميه في عددها السنوي العالم في 2020 .
تغلغل التكنولوجيا الحديثة في الصناعة
س: تحققون نجاحات ملحوظة في كيلوباترا جروب يوما بعد الآخر بخطوات سريعة.. ماهي أسباب نجاح استثماراتكم الصناعية ؟
– الحقيقة أن النجاح في مجالات الصناعة والاستثمار لا يتحقق بالمصادفة، لكن الامر يتطلب دراسات حديثة للتكنولوجيا المتقدمة وسرعة الاستعانة بها في الصناعات المختلفة، لقد تمكنا في وقت قياسي من الانتقال الى أنظمة أكثر تطورا من حيث التشغيل والانتاج وجودة المنتج، فالنهوض بالصناعة يرتبط مباشرة بمدى تغلغل التكنولوجيا الحديثة في مكونات العمل.
فالعالم على أعتاب ثورة تكنولوجية هي الثورة الصناعية الرابعة هذه الثورة تقودها تكنولوجيات الذكاء الصناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والطابعات الثلاثية الأبعاد، والسيارات الذاتية القيادة، والطائرات بدون طيار، والبيانات الضخمة. هذه التكنولوجيات تتيح فرص كبيرة للشركات، على سبيل المثال تكنولوجيا إنترنت الأشياء Internet of Things) ( وما تتضمنه من ربط الأجهزة والأشياء بشبكة خاصة أو بشبكة الإنترنت. تتيح هذه التكنولوجيا مثلا ربط المنازل أو أماكن العمل بشبكة الطاقة، وتساعد في تخفيض استهلاك الطاقة وتكاليف تشغيل المرافق، كما تساعد فى تحسين عمليات التصنيع والإنتاجية، وتعزيز إدارة المخاطر في سلاسل التوريد، والحد من الهدر. بالإضافة إلى تكنولوجيا البيانات الضخمة حيث يتيح تحليل هذه البيانات زيادة الإنتاجية وتحسن إدارة الشركات وتمكينها من التجاوب مع رغبات واحتياجات المستهلكين. واليوم العالم يتحول من حوسبة السحابة Cloudإلى حوسبة الضباب Fogوكليهما توفر التخزين للبيانات لكن حوسبة الضباب أقرب إلى المستخدم النهائي ولها انتشار جغرافي أوسع . ولكي تحقق مصر الريادة فيمكن للحكومة دعم الشركات من خلال طرح مبادرات لتشجيعهم على استخدام التكنولوجيا الحديثة والجيل الرابع في مجال الصناعة.
تنمية عمرانية بفضل دعم الرئيس السيسي
س: من وجهة نظرك كمستثمر شاب.. ما هي سُبل النهوض بالاقتصاد المصري بشكل عام والقطاع الصناعي بشكل خاص؟
النهوض بالاقتصاد يتطلب تنمية عمرانية متكاملة وهو ما تشهده مصر بالفعل بعد تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، والطفرة الاقتصادية ، بفضل الدعم القوي للرئيس عبدالفتاح السيسي، وبدأت ملامح ذلك تتجلى في رفع معدلات النمو ومضاعفة الاحتياطي النقدي.
والقطاع الصناعي يمثل حوالي 16,7% من ناتج مصر الإجمالي، والنهوض بالصناعة بخطوات أسرع يتطلب إنشاء مدن صناعية متطورة ومتخصصة بأحدث التكنولوجيا، شريطة أن تُدار بقوانين خاصة وقواعد مختلفة للتصنيع والتسويق، فأمريكا على سبيل المثال نفذت أكثر من 240 مدينة صناعية وهي التي قادت طفرة التنمية.. خاصة وأنها تتوافر بها كافة الخدمات من التمويل والتدريب ومراكز نقل التكنولوجيا، وتتوطن فيها الشركات الكبيرة والشركات الصغيرة كصناعات مغذية ومكملة وليست مشروعات مستقلة، ففي كل الدول توجد شركة كبيرة وحولها 100 شركة صغيرة فعلى سبيل المثال تمثل الشركات الصغيرة 88% من الشركات في إيطاليا و99% من الشركات فى اليابان.
وعلى يقين تام بأن خطط الحكومة المصرية المستقبليه تستهدف دعم القطاع الصناعي و تشجيع ضخ استثمارات جديدة وأرى أن هذا يتطلب تقديم حزمة حوافز لتخفيض تكاليف الإنتاج الصناعي من عمالة ونقل و تخفيض اسعار الطاقة و ربطها بالاسعار العالميه ، لتشجيع المستثمرين المصريين والأجانب على ضخ استثمارات جديدة.
كما أن لدى مصر موقع جغرافي متميز، حيث انها تتوسط 3 قارات، وتجاريا يعتبر هذا الموقع ميزة كبيرة للمستثمرين الذين يستهدفون أسواق أوروبا وآسيا وافريقيا.
والدولة تعمل حاليا على توفير البيئة الملائمة لجذب الشركات العالمية لتنشئ مراكز لها في مصر، لتصبح مصر دولة صناعية متقدمة بفضل ما تملكه من موارد وموقع جغرافي وعلاقات اقتصادية وتبادلات تجارية في أكثر من 100 دولة ترتبط معها مصر باتفاقيات تجارة حرة، ويمكن أن تحقق مصر اكتفاء ذاتيا وتقضي على البطالة من خلال الصناعة.
ابو العينين والقلعة الصناعية
س: تخرجت من أكبر الجامعات في إيطاليا.. لماذا فضلت العودة إلى مصر بدلا من الاستقرار في أوروبا؟
بصراحة، كانت تجربة والدي رجل الأعمال محمد أبو العينين ملهمة لاستكمال مسيرته وبدء مشواري في مصر، لم يكن مجرد رجل أعمال فحسب، لكنه دشن قلعة صناعية باتت تجربة يحتذى بها في التطوير الصناعي في مصر، حتى أصبح مصانع كليوباترا الثالث على مستوى العالم من حيث الإنتاج متفردا في جودته وسمعته التي أضافت الى واجهة مصر الاقتصادية في الخارج، وأصبحنا نصدر لأكثر من 100 دولة حول العالم.. ورسخ بداخلي قيما سامية أهمها أن رجل الأعمال الناجح في مصر عليه مسئولية اجتماعية تجاه أبناء بلده، فكان الإيمان بالوطن دافعا حثيثا داخلي، والقناعة بأن مصر لن تنهض سوى بعقول وسواعد أبنائها الذين عايشوا النماذج المتطورة والتجارب الناجحة عالميا، وقررت العودة إلى مصر وتحمل مسئولية التطور ونقل تلك التكنولوجيا الى بلدي التي تستحق مكانة أفضل ومستقبل أكثر إشراقا.
خطط توسع بأحدث التكنولوجيا .. ووايت فيل البداية
س : ما هي الخطوات التي اتخذتها لفتح أسواق جديدة أمام منتجات كليوباترا جروب؟
مجموعة كليوباترا تعمل وفق دراسات توسعية دائمة، ولا تتوقف عن استحداث آليات جديدة للإنتاج وفق متطلبات السوق الحديثة وآليات الصناعة العالمية الأكثر تطورا.
ومن ضمن خطط التوسع كانت فكرة انشاء مصنع وايت فيل white ville للأدوات الصحية، باكورة مشروعات المجموعة والنقلة المستحدثة في هذا المجال حيث نقدم منتجا متميزا غير موجود في السوق المصري، و يلبي احتياجات السوق الأوروبية ويواكب الأذواق والتوجهات العالمية، ويستخدم تكنولوجيا رائدة صديقة للبيئة حيث أن المنتج النهائي يرشد 60% من استهلاك المياه باستخدام هذه التكنولوجيا، بالتعاون مع أكبر المصممين من إيطاليا وسويسرا.
س: مــا هـــي القفزة القادمة لمجموعـــة كليوبـــاتـــرا في مجال الاستثمار؟
– الاستثمار يبحث عن الفرصة، ومصر حاليًا هي أرض الفرص الواعدة، لدينا سوق كبير محلي قوامه 100 مليون نسمة يزداد سنويًا بـ 2.5% ولدينا أيضًا سوق خارجي يضم أكثر من 2 مليار مستهلك فى 100 دولة نرتبط معها باتفاقيات تجارة حرة، ولدينا طفرة في السياحة واستعاد القطاع عافيته ، وجهود هائلة من الدولة لتحسين مناخ الاستثمار وهناك أيضًا ارتقاء بالبنية الأساسية، ولدينا قوة عاملة شابة متعلمة لا تتوافر في دول أخرى.
– وبالتالي المستقبل واعد ولهذا نتوجه إلى الاستثمار في مناطق جديدة من خلال مشروعات ومنتجات مبتكرة ونتوسع في المناطق الحالية ونحدث مرافقانا الإنتاجية القائمة. على سبيل المثال نبني مقاصد سياحية عالمية جديدة بنظام التنمية المتكاملة على سواحل مصر في مرسى علم ومرسى مطروح، للاستفادة من إمكانات مصر السياحية، كما نقوم بتحديث شامل لمصانعنا وإضافة خطوط جديدة من أجل تلبية الطلب على منتجاتنا ومواكبة الأذواق العالمية، بالإضافة إلى مشاريع جديدة في التطوير العقاري لاسيما و أن القطاع العقارى واعد في مصر وهناك طلب لا يقل عن 750 ألف وحدة سكنية سنويا وهذا القطاع يقود أكثر من 90 صناعة وحرفة جديدة.